-->

قصة ودعاء سيدنا آدم عليه السلام المذكور في القران الكريم

قصة ودعاء سيدنا آدم عليه السلام المذكور في القران الكريم
    قصة سيدنا آدم عليه السلام



    قصة ودعاء سيدنا آدم



    سيدنا آدم عليه السلام من المعروف بالطبع أنه هو أول إنسان خلقه الله عز وجل، وذلك بعد الحوار الذي دار بين الملائكة وبين ربنا سبحانه وتعالى على خلق مخلوق جديد يسمى الإنسان سوف يكون خليفة فى الأرض، ثم جرت الأحداث وتم خلق آدم وكان مسكنه الجنة،  فلما عصى ربه جاءت هنا مسألة دعاء سيدنا آدم عليه السلام لله عز وجل الذي سوف نتحدث عنه في هذا المقال.

     خلق سيدنا آدم

    يقول الله عز وجل في سورة البقرة :

     (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) الآية 30 سورة البقرة.

    وهنا تبيان ان هناك حوار قام بين الله عز وجل وبين الملائكة في مسألة خلق سيدنا آدم وخلق الإنسان، ويأتي السؤال هنا، لماذا في الأساس هناك حوار بين الملائكة وبين الله سبحانه وتعالى؟

    أليس الله سبحانه وتعالى هو الذي يقول للشيء كن فيكون وما على كافة المخلوقات والملائكة إلا ان تطيع وهي المخلوقات من نور؟

    نقول هنا أن ربنا عز وجل قال للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة على آخر الآيات ( خلق آدم )، وهذا لا يدل إلا على شيء واحد فقط، وهو إعلام الملائكة ان هناك خلق جديد يسمى ( الإنسان ) وأن أول هذا الخلق هو آدم عليه السلام، وان هناك مهمة الخلافة في الأرض سوف تكون له، وأنتم أيها الملائكة سوف يكون لديكم دورا بعد عملية خلقه، في توصيل رسالتي وكلماتي إليه والى ذريته في الأرض لأنكم أيها الملائكة لا تعلمون الغيب وانا علام الغيوب.
    وانتهى هنا الحوار بعد خلق سيدنا آدم ثم تعليمه من ربنا عز وجل مسألة الأسماء للطير والنبات والجماد وكل شيء له مسمى، ثم عرض ذلك العلم على الملائكة، فتعجبوا من ذلك العلم، وأقروا لله سبحانه وتعالى بان الانسان وسيدنا آدم هو خليفة الله في الارض، وأقر الملائكة ذلك على قولهم (قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) الآية 32 سورة البقرة.

    ولكي تتم مسألة الخلافة هناك مسالة هامة يجب ان تحدث لإتمام عملية الخلافة في الأرض لسيدنا آدم، وهو سجود الملائكة لسيدنا آدم، ولكن إعترض إبليس على أمر ربنا عز وجل كما ورد في الآيات الكريمة:
    • ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) الآية 34 سورة البقرة.
    • ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا ) الآية 61 سورة الاسراء.
    • ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا ) الآية 50 سورة الكهف.
    • ( وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ ) الآية 11 سورة الاعراف.

    فتلك الآيات القرآنية تدل على أن إبليس رفض أمر الله بالسجود لآدم، وكثر الحديث والتأويل لهذه المسألة بأن ابليس رفض السجود لأنه لا يريد أن يكون آدم خليفة في الارض، لأن إبليس عليه لعنة الله هو من صنف الجن، والجن كانت تسكن الارض قبل سيدنا آدم، فـ تكبر إبليس بعدم السجود لمخلوق من طين وهو يظن أنه مخلوق من شيء أحسن من الطين وهي النار.

    العداوة بين سيدنا آدم وإبليس

    ومن أجل الوصول الى موضوع دعاء سيدنا آدم، يجب أولا أن نذكر كيف إتجه ادم إلى السبب الذي جعله يقوم بالدعاء، فبعد أن رفض ابليس عليه لعنة الله السجود لسيدنا آدم كما أمره الله عز وجل، فحل عليه غضب الله وأخرجه ربنا عز وجل من الجنة كما في تلك الآيات:

    (قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13) قَالَ أَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ (15) قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا ۖ لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ) الآية 13 - 18 سورة الأعراف.

    (إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (74) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ (75) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (76) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ (78) قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ (80) إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) الاية 74 - 82 سورة ص.

    وأول مراحل العداوة بين آدم وبين إبليس عليه لعنة الله، هي عدم السجود لآدم وحقده على آدم من أول مسألة الخلق لكي يكون خليفة في الأرض، ثم هذا الرفض لأمر الله بالسجود جعل ربنا عز وجل أن يغضب على الشيطان وهو إبليس، وطرده من الجنة، فزاد ذلك من عداوة إبليس لآدم وحقده عليه، ووعد الشيطان ربنا عز وجل بأنه سوف يغوي آدم ويغوي البشر اجمعين إلا قليلا منهم فقط الذي لن يستطيع ان يكون له سلطان عليهم وهم كما وصفهم رب العزة بالعباد المخلصين.

    وبالفعل نجد أن إبليس بدأ في غواية البشر و غواية آدم، واستغل الفرصة الذهبية، فبعد أن خلق الله عز وجل آدم وعلمه الأسماء والعلم لكي يكون ذو أفضلية على الملائكة وعلى باقى المخلوقات بإعمار الأرض واستخلافه فيها، لم يأمره بشيء ولم يكلفه بشيء حينها، فهو فقط كان في مرحلة الإستعداد للخلافة، ثم بعد ذلك خلق أمنا حواء ( وفيها اختلاف هل تم خلقها من ضلع سيدنا آدم أم خُلقت بمفردها كـ خلق سيدنا آدم )، وبعد ان خلق الله سبحانه وتعالى حواء أصبح آدم وحواء زوجين اثنين في الجنة، وكانا يعيشان بسلام ويطيعون الله في كل ما أمرهم، وحينما خلق الله آدم وحواء، وضع فيهم بذرة الإختيار وفطرة النفس التى تمكنهم من خلافة الأرض عن طريق عملية التكاثر عن طريق الشهوة، سواء كانت الشهوة الجنسية أو شهوة الطعام او أي شهوات اخرى.

    وحينما كان آدم وحواء في الجنة، أباح الله لهما كل شيء نعيم الجنة وثمارها، إلا شجرة واحدة فقط، لا يأكلا منها على الإطلاق، ولا حتى الإقتراب منها، كما ورد في الآيات الكريمة:

    ( وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ) الاية 35 سورة البقرة.

    وعلم إبليس هنا أن هذه نقطة ضعف في  آدم ، فأراد أن يستغلها في عملية اغوائه، فوسوس إليهما، أي وسوس الى سيدنا ادم وامنا حواء، ويقال أن هذه اول عملية وسوسة حدثت للبشرية، وكانت نتيجة هذه الوسوسة أن سيدنا ادم وامنا حواء إقتربا من الشجرة وعصوا أمر الله، فأدى ذلك الى غضب الله عليهم، وأخرجهم من الجنة وأنزلهم الأرض كما ورد في تلك الآية الكريمة:

    (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ۖ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ). الاية 36 سورة البقرة.

    ما هو دعاء سيدنا آدم؟

    قلنا في الفقرة السابقة أن ربنا عز وجل غضب على آدم وحواء عندما اقتربا من الشجرة، وأخرجهما من الجنة وأنزلهما إلى الأرض، أي فعلوا كما فعل إبليس في أنهم عصوا الله، ولكن المسألة هنا تختلف اختلافا كبيرا، فإبليس عصى ربنا عز وجل بدون أي وسوسة من اي كائن أو مخلوق آخر، اما ادم وحواء، لن يقوموا على الإطلاق بمعصية الله عز وجل إلا عن طريق وسوسة الشيطان، الذي زين لهما هذه الشجرة دون اي شجرة أخرى، ثم اخرجهما ربنا عز وجل من الجنة بسبب تلك المعصية.

    ولكن الله عز وجل من صفاته العدل المطلق، وهو كان يعلم أن هذا ماسوف يحدث، وكأن الحادثة كانت حادثة تجهيز سيدنا ادم وزوجته حواء لنزولهما إلى الأرض، ولكن قبل أن ينزلوا الى الأرض ويعمروها، يقول ربنا أن هناك بعض العقبات التى سوف تكون في طريق إعمار الأرض و خلافتكم فيها، وأولها هي وسوسة الشيطان، الذي سوف يكون عدوا لكم إلى يوم الدين.

    وعندما خرج سيدنا آدم من الجنة، لم يرغب أن يغضب عليه الله، وتوسله بأن يسامحه ويغفر له، وهذه هي الميزة التى في بني البشر وفي ادم ولم يفعلها إبليس، فـ ادم عندما عصى ربنا، دعى ربه بدعاء هام، وهو المعروف بـ دعاء سيدنا آدم وهو :
    • ( قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) الاية 23 من سورة الاعراف.
    ويقال أن هذا الدعاء هو الكلمات التى قالها سيدنا آدم لربنا عز وجل لكي يغفر له ويسامحه، كما في الآية 37 من سورة البقرة ( فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ).
    وبهذا الدعاء وتلك الكلمات، قد أطفأت غضب الله عز وجل، وغفر لآدم ولزوجته.

    الدروس المستفادة من دعاء سيدنا آدم


    كما قلنا في الفقرة السابقة أن دعاء سيدنا آدم هو (( قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ))، وهذا الدعاء يحمل كمية دروس وعبر لا تنتهي، وسوف نذكر نقاط قليلة جدا منها مثل:

    في بداية الدعاء، قال سيدنا آدم وحواء وذكرا لفظ ( ربنا ) ولم يقولا إلهنا، وتلك حكمة، وهي أن الرب هو الذي يربي، كما يطلق قديما على ان الأب هو رب البيت، واختار سيدنا آدم هنا لفظ ربنا، في هذا الموضوع، لأنه علم أن هذا درس إلهي بأن آدم لا تفعل ذلك ولا تأكل ولا تقترب من الشجرة حتى لا تكون من الظالمين.
    النقطة الثانية في اللفظ القرآني ( ظلمنا أنفسنا ) وهي في قمة التجرد من أي معنى ومن أي معصية والتسليم لأمر الله، نعم يارب نحن ظلمنا انفسنا، ولم نطيعك، ونحن نعترف بهذا ولن نتكبر على المعصية ، وهي إختلاف ومفارقة كبيرة جداااااا بين إبليس وسيدنا آدم، فإبليس تكبر وعصى ربنا، وحينما فعل ذلك لم يعتذر ولم يطلب مغفرة الله، بل زاد في تكبره على الله وجبروته وظلمه، بأنه تحدى الله بأنه سوف يغوي بني آدم أجمعين، وتلك أفضلية لـ سيدنا آدم، فى أنه اعترف بخطأه بالرغم من أن الله عز وجل أخرجه من الجنة ولم يرجعه إليها، ولكنه ليس من المهم أن يرجع ويكسن الجنة، ولكن الأهم هو أن ينول رضاء الله عليه.
    الدرس الثالث في دعاء سيدنا آدم هو الإعتراف بأن الله عز وجل هو الغفور الرحيم، وإن لم يغفر الله له ويرحمه، فلن يكون هناك أي ربح نهائي، وسوف يظل آدم وحواء من القوم الخاسرين وفي تعاسة وشقاء إلى أن ينعم الله عليهم ويغفر و لهم ويعفوا عنهم.
    الطريق إلى الجنة
    @مرسلة بواسطة
    كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع الطريق إلى الجنة .

    إرسال تعليق